د. محمد عمر سالم
استشاري الطب النفسي في المستشفى الأهلي
ليست الصحة النفسية هي مجرد الخلو من الاعتلال والمرض النفسي ، بل هي حالة ايجابية تتميز بالتوازن الانفعالي من طمأنينة وراحة بال ، والقدرة على التكيف مع ضغوطات الحياة ، واقامة علاقات متوازنة مع الذات والعالم الخارجي (أسرياً واجتماعياً وروحياً) ، وتتحقق الصحة النفسية أكثر كلما كان الشخص يدرك المعاني الوجودية المرتبطة به (معنى الحياة ، لماذا وجد في الدنيا ، أين يذهب بعد الموت ……)
وبسبب تعقيدات الحياة المعاصرة ، فقد زادت ضغوطات الحياة زيادة كبيرة في هذا العصر مما أصبح يهدد الصحة النفسية لمن يفتقد مهارات التعامل مع هذه الضغوضات .
وتنقسم هذه المهارات إلى مهارات وقائية وأخرى تفاعلية لمواجهة الأحداث .
المهارات الوقائية :
- الأمل والتفاؤل : وهو الشعور بأن المستقبل سيكون طيباً وناجحاً على أحسن الوجوه وأطيبها بإذن الله وعونه ، وهو من حسن الظن بالله ، والأمل والتفاؤل يكسب صاحبه الإيجابية ولذا فالمتفائلون دائما أقدارهم طيبة لأن المتفائل يمضي في حركة الحياة وهو يحسن الظن بربه ، والله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به ، والإيمان عموما يرتبط بالصحة النفسية بآليات كثيرة .
- العيش في حدود الحاضر مع التوكل على الله ، دون الإفراط في النظر الأسيف على الماضي ، أو الخوف والتوجس من المستقبل ، فالأمور تجري بالمقادير
- حسن إدارة الوقت ومراعاة الأولويات وعدم تأجيل الواجبات ، مع تجنب المشتتات
- العلاقة الحسنة والتواصل الحسن مع الآخرين ، مع التماس الأعذار والعفو عن الزلات ، فكل بني آدم خطاء ، فيجب قبول الناس كما هم ، وقد أثبتت الأبحاث النفسية أنه من يقوم بمساعدة الأخرين وتقديم العون لهم ينعكس ذلك عليه بنصيب وافر من الصحة النفسية ، ولاغرابة في ذلك فالجزاء من جنس العمل ، فمن كان مصباح نور يهدي ويساعد عباد الله إذا أظلمت عليهم الدنيا ، فإنه أول من يستفيد من هذا النور.
- النظرة المتوازنة للذات ، فإن خفض تقدير الذات يضعف الثقة بالنفس ، وتنمية مهارات إثبات الذات والشجاعة الأدبية تقوي الثقة بالنفس
- هناك أنشطة تعدل المزاج وتستجلب السرور: كالرياضة ، والتأمل في خلق الله ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة ، ومجالسة الأصدقاء والزراعة داخل أوخارج المنزل أو ممارسة غير ذلك من الهوايات ، وأيضا الأنشطة الروحية مثل الصلاة والذكر وقراءة القرآن ، فمراكز اللذة تستثار باللذات الجسدية والمعنوية سواء بسواء.
المهارات التفاعلية عند مواجهة ضغوطات الحياة :
- الاحتفاظ بهدوء النفس وتجنب الغضب والعصبية ، وذلك يتيح للإنسان التفكير السليم واتخاذ القرارات الصائبة ، بل أن استخدام روح الدعابة يخفف كثيرا من التوتر ويساعد على استعادة الهدوء النفسي
- المواحهة المباشرة للأزمة والنظر للخطوات أو البدائل للخروج منها ، والاستعانة بخبرة الآخرين إذا تطلب الأمر ذلك
- تجنب الوسائل الدفاعية الغير ناضجة مثل أحلام اليقظة والتبرير والإسقاط ، حيث أنها لا تساعد على حل المشكلة وتؤخر مواجهتها
- التذرع بالصبر وطول البال بالنسبة للأزمات التي تحتاج إلى وقت كي تنقشع ، مع التشاغل عنها بأنشطة ترفيهية ، والتضرع إلى الله لكشفها ، وقد وعدنا الله أنه سيجعل بعد عسر يسرا .
- مراجعة الطبيب النفسي إذا زادت الأعراض النفسية المعتادة المصاحبة لمثل هذه الحالات ، مثل الأرق والقلق أو الأفكار السوداوية وعدم القدرة على التركيز أو عدم القدرة على الاستمرار في القيام بواجبات العمل أو الدراسة .
إضافة تعليق