د أسماء عبد السلام
استشارية أمراض النساء و التوليد
المستشفي الأهلي – الدوحة – قطر
يعرف التهاب الوريد الخثري بانه تشكل جلطات داخل الأوعية الدموية وخاصة في الأطراف السفلية و لكنها قد تمتد الي أوردة الحوض و الشرايين الرئوية .
ان تشكل الجلطة داخل الأوعية هو أحد الاختلاطات الشديدة المسببة للمراضة عالية الخطورة و حتي الوفاة في الدول المتقدمة و يأتي ترتيبها بعد النزوف والانتانات و ارتفاع التوتر الشرياني في الدول الأقل تقدما
و لكن لماذا تحدث الجلطة ؟
هناك مايسمى بثالوث فيرهو وهو عبارة عن ثلاثة عوامل مرضية ينتج عنها تشكل الجلطة و هم :
اولا : الركودة الدموية وتعني ان تقل سرعة دوران الدم في الأوردة
ثانيا : تلف بطانة الأوعية الدموية مما يفقدها خاصيتها أن تكون ملساء
ثالثا : زيادة عوامل التخثر في الدم مثل الفيبرينوجين كما هو الحال أثناء الحمل بسبب وجود هرمونات الحمل المحفزة لتصنيع البروتينات و منها عوامل التخثر و هذه الزيادة ماهي الا تحضير للولادة و ذلك للاقلال من خطر النزف ولكن بالمقابل يرتفع خطر الاصابة بالجلطة مالم تتخذ التدابير الوقائية .
عادة ما يتخثر الدم بمجرد خروجه من الأوعية الدموية نتيجة اصابة أو جرح بحيث يتم تفعيل آليات التخثر و ذلك لايقاف النزف الذي قد يودي بحياة الانسان .
وبعبارة اخري فان الدم ينبغي ان يكون في حالة سيولة داخل الأوعية الدموية طالما بطانة الأوعية ملساء و صحية و لم تدمربأي اصابة مثل تصلب الشرايين و كذلك اذا كانت سرعة دوران الدم داخل الأوعية ضمن الطبيعي.
فاذا حدث تلف في الأوعية أو حدث تباطؤ في سرعة الدوران بسبب انضغاط خارجي مثل ضغط الرحم الحامل علي أوعية الحوض أو أثناء السفر لمسافات طويلة بدون تحريك الأقدام أو النوم لفترات طويلة في الفراش بسبب أي مرض كان أو دخول مستشفي فانه سيتم تفعيل آلية التخثر وينجم عنها التهاب وريد خثري .
من هن السيدات عاليات الخطر لحدوث التهاب الوريد الخثري ؟
- وجود قصة مرضية سابقة أو قصة عائلية لالتهاب وريد خثري
- متلازمة أضداد الفوسفوليبيدات و نقص بروتين سي و اس
- دخول المشفي و البقاء لمدة طويلة في الفراش كما هو الحال في الاستشفاء من الكسور
- الولادة و النفاس و خاصة بعد اجراء قيصرية حيث تزداد خطر الجلطة عشرون ضعفا مقارنة بالولادة الطبيعية .
- البدانة و التدخين و الأعمار فوق 35 عاما
- استخدام موانع الحمل الهرمونية
- الحمول عالية الخطر مثل الحمل التوأم او الحمول المختلطة بالمراض مثل الانسمام الحملي ، أمراض القلب و البدانة ، الذئبة الحمامية ،داء الأمعاء الالتهابي ، الاقياءات الحملية الشديدة ، فقر الدم المنجلي والثالاسيميا و غيرها .
ولكن لماذا يعتبر التهاب الوريد الخثري خطرا ؟
اذا تكونت الخثرة داخل أوعية الساق و لم يتم التعامل معها لايقاف تمددها و انتشارها و انتقالها عبر الأوعية فانها ستمتد لتشمل أوعية الحوض و الوريد الأجوف السفلي و ينتج عنها انطلاق صمات صغيرة تصل لشرايين القلب والرئة و الدماغ مؤدية الي احتشاء عضلة قلبية و نزوف و حوادث وعائية دماغية قد تنتهي بالوفاة .
التشخيص:
يعتمد التشخيص علي أخذ قصة مرضية شخصية و عائلية مفصلة من المريض اضافة الي الأعراض مثل ألم في الربلة ( خلف الساق) يعيق الحركة و القدرة علي المشي و الوقوف مع تشكل وذمة في الساق واحمرار خلف الساق و عند فحص المريضة يوجد مضض عند الضغط علي ربلة الساق مع وذمات انطباعية وحيدة الجانب غالبا و تكون علامة هومان ايجابية ( ألم في الساق عند ثني القدم للأعلي ).
وتبقي الأداة الذهبية لوضع التشخيص النهائي لجلطات الأطراف السفلية هي تصوير أمواج فوق الصوت باستخدام الدوبلر و التي تقوم بقياس سرعة دوران الدم داخل الأوعية و تحديد مكان و حجم الجلطة.
أما الصمات الرئوية ( جلطة الرئة ) فانها تتظاهر بالم صدري و ضيق و عسرة تنفس مع زيادة معدل التنفس في الدقيقة مع سعال و نفث دموي ، و في هذه الحالة لابد من اجراء تخطيط قلب و صورة صدر شعاعية بسيطة و لكن يبقى الطبقي المحوري مع المادة الظليلة لحساب نسبة التروية / للتهوية أهم اداة في التشخيص النهائي لكشف اي انسداد في الأوعية الدموية في الرئة .
ان التعرض للطبقي المحوري أثناء الحمل قد يعرض الجنين لزيادة خطر حدوث سرطان في الطفولة و قد يزداد خطر الاصابة بسرطان الثدي بالنسبة للسيدة المتعرضة للطبقي المحوري و لكن يبقي الخطر المطلق أقل بكثير من الفائدة المرجوة من تأكيد التشخيص
وبكل الأحوال فان الموافقة المطلعة أساسية قبل أي اجراء .
ان استخدام D-DIMER قد يفيد في تشخيص الصمة الرئوية و لكن لا ينبغي الاعتماد عليه في تشخيص التهاب الوريد الخثري الحاد في الحمل.
العلاج :
ان الركن الرئيسي في المعالجة يقوم علي
أولا : الوقاية و تعتمد استراتيجية الوقاية علي ما يللي
- تقييم عوامل الخطرللاصابة بالجلطة بشكل روتيني أثناء زيارات الحمل و عند الدخول للمشفى
- نصح السيدة الحامل بالمواظبة على الحركة و المشي و تجنب الرقود في الفراش لفترات طويلة بدون تحريك الأطراف
- الاكثار من شرب الماء و ارتداء الجرابات الضاغطة
- البدء بالهيبارين الوقائي للسيدات متوسطات و عاليات الخطورة للاصابة بالجلطة
- المساعدة الدوائية علي ايقاف نمو الجلطة و العمل علي اذابتها
- الانتباه و العمل علي الاقلال من خطر تكرر الاصابة و اعادة تشكيل الجلطات
ثانيا: معالجة الاصابة
عند حدوث الاشتباه بالتهاب الوريد الخثري أو حدوث صمة رئوية سريريا يجب البدء فورا بمضادات التخثر لمنع امتداد الجلطة الموجودة أو تكون خثرات في أماكن أخري لحين التيقن من التشخيص مالم يكن هناك مضاد استطباب قطعي لاستخدام مضادات التخثر
بمجرد تأكيد تشكل الجلطة و تشخيص التهاب الوريد الخثري فان التداخل الطبي سيتم بالتنسيق بين الاختصاصات المختلفة مثل التوليد و أمراض الدم و اللأمراض الباطنية و الأشعة وجراحة الأوعية.
ان الهيبارين بجرعات علاجية هو الخيار الأول في الحمل لأنه لايعبر المشيمة و يبدأ في العمل فورا و له نصف عمر قصير وبالتالي يمكن ايقاف عمله عند الضرورة بسهولة
يسبق اعطاء الهيبارين اجراء بعض الفحوصات المخبرية مثل صورة دم كاملة و معايرة عوامل التخثر و اليوريا و الشوارد
يتم حساب جرعة الهيبارين حسب وزن السيدة و تعطي كجرعة وحيدة أو مقسمة علي جرعتين
وسواء كان الهيبارين وقائيا أو علاجيا أثناء الحمل فانه بمجرد بدء المخاض ينبغي ايقاف الهيبارين أثناء المخاض و حتى ثمان ساعات بعد الولادة بعدها يتم استئناف الهيبارين مرة أخري مالم يكن هناك نزف غزير و ينطبق نفس البروتوكول قبل اجراء القيصرية الانتخابية.
ليس من الضروري المتابعة بالتحاليل الا في حالات البدانة الشديدة أو قصور الكلية
هناك مايسمي بمذيبات الجلطة و يمكن استخدامها في حالات الخثرة الرئوية الكبيرة .
يجب رفع الأطراف السفلية مع التشجيع علي الحركة واستخدام الجرابات الضاغطة
يمكن لأي سيدة أصيبت بالتهاب وريد خثري في الحمل أو النفاس أن تحمل مرة أخري و لكن ينبغي البدء بالهيبارين الوقائي باكرا ما أمكن في الحمل الجديد و تستمر به حتي بعد الولادة
الخلاصة
يعد التهاب الوريد الخثري أحد عوامل الخطورة للمراضة الوالدية ووفيات الأمهات و في نفس الوقت هو قابل للوقاية بسهولة عن طريق اعتماد بروتوكول التقييم الروتيني لعوامل الخطر لحدوث الجلطة لكل سيدة حامل اثناء زيارات الحملا أو عند دخولها للمشفى أوعند حدوث أي طارئ صحي مضاف وتقديم طرق الوقاية المختلفة بما فيها حقن الهيبارين الوقائي و في حال الشك في وجود أي عرض يجب أن تبادر السيدة بأخذ المشورة من الطاقم الطبي المختص بأسرع وقت و لهذا فانه من الأهمية بمكان التثقيف الصحي للسيدات الحوامل عن عوامل الخطر و الأعراض و العلامات لالتهاب الوريد الخثري ليكن قادرات علي طلب الخدمة في الوقت المناسب .
إضافة تعليق