السبت ديسمبر 2 2023
21 سبتمبر، 2020

داء الرتوج الكولونية

د.باخوس الحداد

أخصائي جراحة عامة

داء الرتوج هو التعريف السريري المستخدم لوصف تواجد رتج كولوني عرضي.

أما مصطلح التهاب الرتوج فهو يشير الى حدوث انتان والتهاب مرافق للرتوج الكولونية.

تنقسم الرتوج الكولونية الى نوعين: كاذبة وحقيقية. معظم الرتوج الكولونية هي رتوج كاذبة ، حيث يحدث فيها فتق للطبقة المخاطية والعضلية المخاطية عبر جدار الكولون. ويشير هذا النوع من الرتوج الى حدوث انتباج موضع في جدار الكولون نتيجة الضغط العالي ضمن لمعة الكولون. بينما تعبر الرتوج الحقيقية عن حدوث انتباج كامل طبقات جدار الكولون وهي نادرة وعادة ما تكون ولادية المنشأ.

تعتبر الرتوج الكولونية داء مكتسب. والنظرية الأكثر قبولاً حول سبب هذا الداء هي فقر الحمية الغذائية للألياف مما يؤدي إلى حجم براز أقل وبالتالي تزيد الحاجة لضغط مرتفع داخل لمعة الكولون مع توتر في جدار الكولون أثناء عملية دفع البراز، ويؤدي التقلص المزمن إلى تضخم العضلية الكولونية و نشوء آلية قطعية يتصرف خلالها الكولون كقطع مستقلة عن بعضها بدلاً من العمل كأنبوب متواصل. وهذا الضغط المرتفع داخل الكولون مع الآلية القطعية يؤدي إلى تشكل جيوب جدارية (الرتوج). وتقلل الحمية الغذائية الغنية بالألياف من حدوث هذا الداء.

وعلى الرغم من أن الرتوج الكولونية تعتبر شائعة ، إلا أن معظم الحالات تكون غير عرضية ، وتحدث الاختلاطات في نسبة قليلة من الأشخاص.

 

الاختلاطات الالتهابية (التهاب الرتوج):

يشير مصطلح التهاب  الرتوج الكولونية إلى الالتهاب والانتان المرافق لرتج كولوني ويحدث في حوالي 10-25% من الأشخاص المصابين بداء الرتوج.

وينتج الانتان حول الرتوج عن انثقاب (مجهري أو كبير) في الرتج والذي يؤدي بدوره إلى التلوث والالتهاب والانتان.

وتتراوح شدة هذا المرض من التهاب طفيف لرتج كولوني غير مختلط والذي يمكن علاجه دون الحاجة لدخول المستشفى ، إلى انثقاب حر مع التهاب البيرتوان المعمم والذي يحتاج فتح بطن اسعافي. ويتظاهر المرض في معظم المرضي على شكل ألم بطني جهة اليسار، مع أو بدون حرارة ، وارتفاع  نسبة العدلات في الدم. ويعتبر تصوير البطن المقطعي مفيداً جداً لتحديد الالتهاب ما حول الكولون وتشكل الخراجات. بينما تعتبر الحقن الشرجية الظليلة وتنظير الكولون مضادات استطباب في هذه الحالة بسبب خطورة حدوث الانثقاب.

التهاب الرتوج الكولونية غير المختلط :

يتسم التهاب الرتوج الكولونية غير المختلط عادة بحدوث ألم وايلام أسفل ويسار البطن. و تتضمن موجودات التصوير المقطعي للبطن وجود تكثف في النسج الرخوة حول الكولون ، وتسمك جدار الكولون، مع أو بدون وجود فلغمون (حديثة التهابية موضعية).

ويستجيب معظم المرضي المصابين بالتهاب الرتوج غير المختلط للعلاج الدوائي بالمضادات الحيوية  الفموية واسعة الطيف والحمية الغذائية الخفيفة ، دون الحاجة لدخول المستشفى ، ويجب أن يدوم العلاج بالمضادات الحيوية مدة 7-10 أيام. وقد يحتاج 10-20% من المرضى الذين لديهم ألم بطني أشد وايلام وحرارة وارتفاع المعدلات إلى دخول المستشفى والعلاج بالمضادات الحيوية الخلالية وراحة الأمعاء التامة. وعادة مايستجيب معظم المرضى خلال فترة 48-72 ساعة من بدء العلاج.

وممكن أن يؤشر عدم التحسن السريري إلى تشكل خراج. ويعتبر التصوير المقطعي للبطن مفيداً جداً في هذه الحالة.

ويعتبر تدهور حالة المريض السريرية وتطور التهاب البيرتوان استطباباً لفتح البطن الجراحي ، الا أنه عادة ما يستجيب معظم المرضي المصابون بالتهاب الرتوج غير المختلط للعلاج الدوائي ولا يحتاجون الى  جراحة . ويصاب حوالي 50-70% من المرضى بهجمات التهابية اضافية في المستقبل.

ويعتقد أن خطورة الاختلاطات تزداد مع تكرار الهجمات الالتهابية لهذا الداء. ولهذا السبب فقد أقترح استئصال الكولون السيني الانتقائي بعد حدوث الهجمة الثانية من التهاب الرتوج وخاصة اذا ما احتاج علاج المريض دخول المستشفى. ولكن اقترحت  العديد من الدرسات الحديثة أن خطورة الاختلاطات مع أو بدون الحاجة للاستئصال الاسعافي لا تزيد احصائيا مع تكرار الهجمات الالتهابية. ويتفق العديد من الجراحين في وقتنا الحالي على عدم الحاجة للتداخل الجراحي حتي بعد الهجمة الالتهابية الثانية طالما أن المريض يستجيب للعلاج المحافظ وتم استثناء احتمال التنشؤ الورمي عن طريق تنظير الكولون.

وينصح المرضى المضعفين مناعياً باستئصال الكولون الانتقائي بعد هجمة واحدة فقط لهذا الداء.

ويستطب اجراء تنظير الكولون عادة بعد 4-6 أسابيع من الشفاء التام.

 

التهاب الرتوج الكولونية المختلط:

يشير هذا المصطلح إلى التهاب الرتوج مع تشكل خراج، أو انسداد أمعاء، أو التهاب بيرتوان معمم (انثقاب حر في البطن) ، أو تشكل نواسير بين الكولون المصاب والبنى المجاورة.

ويستخدم تصنيف “هينشي” لوصف شدة التهاب الرتوج المختلط. حيث تضمن الدرجة الأولى من التصنيف التهاب الكولون مع وجود خراج موضوع حول الكولون. بينما تتضمن الدرجة الثانية التهاب الكولون مع تشكل خراج حوضي أوخلف البيرتوان. أما الدرجة الثالثة فتتضمن التهاب البيرتوان القيحي، بينما تتضمن الدرجة الرابعة التهاب البيرتوان البرازي.

يعتمد العلاج على الحالة العامة السريرية للمريض وعلى درجة التلوث البيرتواني وشدة الانتان.

الخراجات البطنية الصغيرة (أقل من 2 سم) من الممكن أن يتم علاجها بالمضادات الحيوية الخلالية. بينما أفضل وسيلة للتعامل مع الخراجات الأكبر حجما هو التفجير الموجه بالتصوير المقطعي عبر الجلد مع المضادات الحيوية الخلالية. و يحتاج معظم هؤلاء المرضى في نهاية المطاف الى استئصال القطعة المصابة من الكولون ، ولكن يعطي التفجير الموجه عبر الجلد الفرصة لاجراء العمل الجراحي الانتقائي بمرحلة واحدة فيما بعد (تجنب الحاجة للتدخل الجراحي الاسعافي دون تحضير الأمعاء). و ممكن أن يتم تجنب الاستئصال الجراحي للكولون في حال الشفاء التام بعد هذا التفجير الموجه عبر الجلد.

وفي حالة تعذر تفجير الخراج عبر الجلد ، فإن فتح البطن العاجل أو الاسعافي ممكن أن يستطب ، كما تستطب الجراحة العاجلة في حال تدهور حالة المريض أو عدم تحسنها مع العلاج المحافظ أو وجود هواء حر داخل البطن أو التهاب البيرتوان المعمم.

تحدث الأعراض الانسدادية في حوالي 67% من المرضى الذين يصابون بالتهاب الرتوج الكولونية الحاد ، بينما يحدث الانسداد التام في حوالى 10 % من الحالات.  وتحدث النواسير بين الكولون والأعضاء المجاورة في حوالي 5% من حالات التهاب الرتوج الكولونية المختلط.

وفي النهاية لا بد من القول بأن علاج داء التهاب الرتوج الكولونية يبقى أحد أهم التحديات التى يواجهها الجراحون من حيث اختيار الآلية العلاجية المناسبة لكل مريض على حدة.

مشاركة:

عن admin

admin

  • Email

إضافة تعليق